كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} الآية (الحجرات: 1).
وقال عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الآية (الحشر: 7).
وقال تبارك وتعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكرون} (الأعراف: 3).
ولقد ذم الله قومًا يعرضون عن آياته فقال عز وجل: {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم} (النجم: 30).
وقال سبحانه: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودًا} إلى قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا}.
النساء (60- 65).
ثم إن الفيلسوف الهرم لم يكتف بذلك بل تجاهل آيات القرآن تمامًا فضلًا عن مناقشة تفسيرها وترقى إلى ما هو أبعد من ذلك- رماه الله في المهالك- حين تقول على الله بغير علم وفكَّر وقدَّر فقتِل كيف قدَّر ثم قتل كيف قدر ثم حكم ببطلان أن الحجاب أمر تحتمه الشريعة الإسلامية فقال- قاتله الله- أوردت الرسائل في سياقها آيات قرآنية كريمة يستشهد بها أصحاب الرسائل على أن فتور الهمة نحو العلم ونحو العمل في امرأة هذا الجيل وميلها نحو العودة إلى البيت ونحو أن تتحجب- أو على الأقل أن تضع فوق رأسها رمزًا يشير إلى معنى الحجاب- هو أمر تحتمه الشريعة الإسلامية وأقول إنه لو كان ذلك صحيحًا لكنت أول الداعين إليه ولكن هل هو صحيح؟. اهـ.
وهنا بدأت نبرة الكاتب تتحول إلى الإنسحاب الهادئ فبعد أن طعن الدين في الصميم وشعر أنه أسرف في الكذب والافتراء وجد نفسه مضطرًا إلى ممارسة فن التلون الحربائي فإذا به يتوارى ويتحصن في الدين فيقول: لو كان ذلك- يعني أن القرآن يحتم الحجاب- صحيحًا لكنت أول الداعين إليه ونحن إذا أحْسَنَّا الظن به حملنا أمر الفيلسوف الكبير! على أنه لم يقرأ القرآن مرة واحدة أو أنه قرأه ثم نسيه لانشغاله عنه بفلسفة أكثرها سفه وإلا فهو عدو للإسلام والمسلمين متآمر ضد أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول} القتال (30).
ثم يذكر الكاتب دليله على قطع الصلة بين القرآن والحجاب فيقول: أكانت تلك الشريعة معطلة حتى جاء شباب هذا الجيل ليعيدها إلى الحياة؟. اهـ.
نقول: كلا بل ما زالت شريعة القرآن نافذة وسائدة طوال عصور الإسلام وما زالت قلوب المسلمين رجالًا ونساءً تخفق بالاعتزاز بها والإذعان لها إلى أن هجمت جيوش الغزو الفكري متترسة بالفلاسفة والعملاء والعميلات اللائى أسميتهن رائدات الجيل الماضي ليرفعوا الحجاب عن وجه المرأة ويعطلوا الشريعة الحنيفية شكلًا ثم موضوعًا وواقعًا فجاء شباب هذا الجيل ليصحح الأوضاع ويعود إلى حظيرة الإيمان ويجدد معالم دينه الذي ارتضاه الله له فما الذي يغيظك من ذلك كله؟
وإذا كنت محبًا لهذه الأمة المحمدية ومخلصًا لهذه الملة الحنيفية فلماذا تنزعج هكذا من عودة الشباب على الإسلام وعودة المسلمات إلى الحجاب؟
ثم يمضي غمام الضلالة مدعيًا مرتبة الاجتهاد المطلق بل ها هو ذا يقدم نفسه على كل أئمة الهدى في كافة عصور الإسلام ويبرهن على ذلك بقوله:
إنني مهما تواضعت في قدر نفسي فلا أظنني أصل بذلك التواضع درجة تحرمني من فهم الآيات الكريمة التي سيقت في الرسائل شواهد على ما أراده أصحابها فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي. اهـ.
أقول: لو أن هذا المختال الفخور درس القضية في ضوء الكتاب العزيز والسنة المطهرة لوجد فيها من الشفاء والهدى والنور ما يغنيه عن ظلماته وضلالاته التي أوقعته في مهواة البلاء والعجب بنفسه وتكبره الذي دعاه إلى أن يضرب بسهم مع الأفاضل وأرباب التقوى مع أنه كما قال القائل:
نزلوا بمكة في قبائل هاشم ** ونزلت بالبيداء أبعد منزل

وكما قال القائل:
أيها المدعي لسلمى انتسابًا ** لست منها ولا قلامة ظفر

والفيلسوف الزائغ ليس من أهل الترجيح لأقوال أهل العلم بعضها على بعض بل لا يصلح أن يكون حكمًا بين صبيين فضلًا عن أن يكون حكمًا بين العلماء الربانيين:
ما أنت بالحكم الترضي حكومته ** ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

فإن من شرط الحكم أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومذاهب المجتهدين فمن أين لهذا الزائغ من هذه العلوم وهو بالنسبة إلى الأئمة الذين قضوا بالحق وكانوا به يعدلون طفل راقد في مهد طفوليته؟!
بل أين المخلصون المجاهدون في سبيل الإسلام من الطاعنين فيه الصادين عن سبيله؟! قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا} النساء (115).
وقال عز وجل: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} ص (28).
أما قول صاحب الردة: فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي؛ فما أشبهه بقول من حكى الله عنهم: {ويحلفون بالله أنهم لمنكم وما هم منكم} التوبة (56).
وقوله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون} المنافقون (1).
فعادة المنافقين الاستجنان بالإيمان الكاذبة كما استجنوا بالشهادة الكاذبة {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون} المنافقون (2).
فيتخذون حلفهم بالله إنهم لمنكم جنة تحميهم مما يعامل به الكفار وأخبر سبحانه عن صفتهم وشأنهم فقال: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} المنافقون (4).
لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم إلى أن قال عز وجل: {هم العدو} أي هم الكاملون في العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادي العدو المداجى الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي {فاحذرهم} لكونهم أعدى الأعادي ولا تغترن بظاهرهم:
فلا تقنع بأول ما تراه ** فأول طالع فجر كذوب

فمن هذا الباب قول الكاتب فالقرآن الكريم كتابهم وكتابي نقول: إن القرآن حق في نفس الأمر وليس هو محتاجًا لأن يحامي مثلك عنه والمحاماة عن القرآن تكون بإقامة البراهين ودفع الشبهات الباطلة أما تحريف معناه وتغييره أما تجاهله والإعراض عنه أما مراغمة نصوص القرآن ومعاكستها ووصف الممتثلين لها بوصف الردة والنكسة والمأساة وما إلى ذلك من العبارات الشنيعة فهذا كله إفساد للقرآن وصد عن سبيله واستحلال لحرماته واستهزاء بآياته:
{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون}.
الأنبياء (18).
ولئن جاز أن يتسامح المسلمون مع الكاتب فيما كتب- وهذا بعيد جدًا- فلا يمكن أن يتسامحوا معه بأي وجه من الوجوه حينما أبى واستكبر وعاند الآيات التي بلغها إليه القراء في رسائلهم الغاضبة ثم إذا به يضرب بها كلها عرض الحائط ويتبجح في عتو عناد بمقولة تعيد إلى أذهاننا عناد صناديد قريش:
إنني لم أجد في تلك الرسائل جميعًا ما يحملني على أن أغير حرفًا مما كتبته ولو أعدت الكتابة لكررت ما قلته كلمة كلمة. اهـ.
فإذ لم يرفع بآيات الله الآمرة بالحجاب رأسًا فإنا نذكره بقول الله تبارك وتعالى: {ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرًا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئًا اتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين} الجاثية (7- 9).
وقوله عز وجل: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون} السجدة (22).
وقوله سبحانه وتعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلًا} [سورة الكهف: 57- 58].
ثم نقول كون هذه الآراء صحيحة عندك وأنك مؤمن بها لن تتراجع عن كلمة منها لا يدل على صحتها في نفسها فكل حيوان يستطيب ريقه وإن كان خبيثًا وقد قال تعالى في إخوانك من قبل: {ويحسبون أنهم على شيء ألا انهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} (المجادلة: 18- 19).
وما أحسن ما قيل في مثله:
ولقد أقول لمن تحرش بالهدى ** عرضت نفسك للبلا فاستهدف

آخر:
يا ناطح الجبل العالي ليكلمه ** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

فنسألك اللهم أن تخلع من أعداء الحق وثائق قلوبهم وأفئدتهم وأن تباعد بينهم وبين أزودتهم وأن تحيرهم في سبلهم وأن تضللهم عن وجههم وأن تقطع المدد عنهم وأن تنقص منهم العدد وأن تملأ أفئدتهم بالرعب وتقبض أيديهم عن البسط وتحرم ألسنتهم عن النطق وتشرد بهم من خلفهم وتنكل بهم من وراءهم وتقطع بحربهم أطماع من بعدهم اللهم عقم أرحام نسائهم ويَبِّس أصلاب رجالهم وعجل لهم الوبال والنكال وأخرس منهم عضو المقال وفرق جمعهم وشتت شملهم وأفسد رأيهم وأخمد أنفاسهم وهدِّم أساسهم إنك على ما تشاء قدير.
وفي أحدث محاولات الفيلسوف الهرم لينطح الجبل العالي كتب مقالة مطولة في آخر ساعة يدافع فيها عن العلمانية ويهاجم الجماعات الإسلامية وفيها تطرق إلى الحجاب زاعمًا أن علة انتشاره بين الفتيات هي: انخفاض الدخل في كثير من الأسر مما جعل عدد من السيدات والفتيات يعجزن عن التنافس في دنيا الثياب- الموضات- فيجدن ملاذًا في الزي الديني وادَّعى أن من الأسباب أيضًا: ارتفاع أجور العناية بالشعر عند الكوافير فيحدث أن حجبه- حجب الشعر تحت الحجاب- أيسر وأقل تكلفة ولما سئل عن رأيه في المنقبات قال في غرور: المنقبات لا يستأهلن الحديث مني عنهن... ثم راح يتساءل هل هو عدم جمال خلقة؟.. ولكن أقول إن فيهن صاحبات وجوه مليحة ومقبولة! أيضًا أقول: هل هي حركة احتجاجية داخل الأسرة؟ هل هي حالة عدم رضاء كاملة عن النفس؟ هل النقاب هو الإسلام؟. اهـ. من آخر ساعة ص (34) مايو 1986م.
حقًا.. إنها معركة مارق يتحدى مشاعر المسلمين ويستعدي السلطة على المحجبات إنه المدعو حسين أحمد أمين الذي فتحت له الصحافة أبوابها على مصراعيها فصال وجال داعيًا إلى البهتان العظيم والعدول عن صراط الله المستقيم ومناقضة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصَدَحَ به كتاب الله المبين جاء هذا الغبي الجاهل المكابر فأعرض عن الحق الصريح الظاهر وكتب المقالات المطولة التي حشاها من الكذب والافتراء والظلم والعدوان وشتم أهل الحق وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات والصد عن سبيل الله عز وجل.
ويبدو أن الدور الذي شاء له أسياده ووقع اختيارهم عليه لأجل إنجازه هو محاربة الحجاب.. ذلك الحجاب الذي أشعلت عودته نار الحقد والغيظ في قلبه فأنشأ يسوِّغ محاربته إياه قائلًا: رأيت ظاهرة تنتشر في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم هي ظاهرة الحجاب وسمعت أنصارها يربطون بينه وبين الإسلام فأحببت أن أتحقق بنفسي مما إذا كان القرآن قد أمر به وقد توصلت إلى أن حجاب المرأة ليس من الإسلام. اهـ.
وقال في موضع آخر:
ليس للحجاب أي علاقة بالإسلام! ثم يزعم أن الحجاب إنما عرف عند الفرس ويقول: ومن المعروف أن أول مفسرين للقرآن الكريم على الإطلاق كانوا من الفرس ومن الطبيعي أن يتأثر المفسرون بالتقاليد والقيم التي نشأوا عليها. لقد درست الآيات القرآنية التي ورد ذكر الحجاب بها ووجدت أنه ليس هناك آية واحدة تفرض الحجاب على المسلمات. اهـ.
ونراه يبين منهجه الذي انتهجه في هذا التحقيق الفذ فيقول:
إنني أعتمد على أمهات الكتب وأدرس ما اتفق عليه العلماء والأئمة الأربعة وغيرهم غير إني لا أعتبر نفسي ملزمًا إلا بما انتهى إليه تفكيري... ولا يضيرني أن أكون أول من قال بهذا الرأي أو ذاك دون أن أستند إلى مرجع والفقهاء كلهم- في نظره- لا قولهم حجة ولا من الواجب الأخذ به.
بل إنه يرد على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف حمزة قائلًا: نعم يا سيدي المفتي أنا زعيم لك بأني أهل لأن أنافس الأئمة المجتهدين وأن أدلي بدلوي كما أدلوا بدلائهم. اهـ.